قوله تعالى ﴿ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤) بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الله تعالى لا يقر من كذب عليه، فضلاً عن أن يصدقه ويؤيده، ولا يخفى عليه كيد حتى يلزم منه نقص ما أراده، قال دالاً لهم على صدقه منبهاً على موضع الجحة في أمره - على قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم، وجواباً لمن كأنه قال : فماذا يقال لهؤلاء؟ - على قراءة الباقين :﴿قال ربي﴾ المحسن إليّ بتأييدي بكل ما يبين صدقي ويحمل على أتباعي ﴿يعلم القول﴾ سواء كان سراً أو جهراً.
ولما كان من يسمع من هاتين المسافتين يسمع من أيّ مسافة فرضت غيرهما قطعاً، لم يحتج إلى جمع على أنه يصح إرادة الجنس فقال :﴿في السماء والأرض﴾ على حد سواء، لأنه لا مسافة بينه وبين شيء من ذلك ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿السميع العليم﴾ يسمع كل ما يمكن سمعه، ويعلم كل ما يمكن علمه من القول وغيره، فهو يسمع سركم، ويبطل مكركم، ويسمع ما أنسبه إليه من هذا الذكر، فلو لم يكن عنه لزلزل بي، وقد جرت سنته القديمة في الأولين، بإهلاك المكذبين، وتأييد الصادقين، وإنجائهم من زمن نوح عليه السلام إلى هذا الزمان، ولعلمه بحال الفريقين.


الصفحة التالية
Icon