قوله تعالى ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر عنهم سبحانه وتعالى بهذا الذل أتبعه الإخبار بأنه في كل زمان وكل مكان معاملة منه لهم بضد ما أرادوا، فعوضهم عن الحرص على الرئاسة إلزامهم الذلة، وعن الإخلاد إلى المال إسكانهم المسكنة، وأخبر أن ذلك لهم طوق الحمامة غير مزائلهم إلى آخر الدهر باقٍ في أعقابهم بأفعالهم هذه التي لم ينابذهم فيها الأعقاب فقال سبحانه وتعالى مستأنفاً :﴿ضربت عليهم الذلة﴾ وهي الانقياد كرهاً، وأحاطت بهم كما يحيط البيت المضروب بساكنه ﴿أين ما ثقفوا﴾ أي وجدهم من هو حاذق خفيف فطن في كل مكان وعلى كل حال ﴿إلا﴾ حال كونهم معتصمين ﴿بحبل﴾ أي عهد وثيق مسبب للأمان، وهو عهد الجزية وما شاكله ﴿من الله﴾ أي الحائز لجميع العظمة ﴿وحبل من الناس﴾ أي قاطبة : الذي آمنوا وغيرهم، موافقٍ لذلك الحبل الذي من الله سبحانه وتعالى.


الصفحة التالية
Icon