قوله تعالى ﴿سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (٩١)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان كأنه قيل : هل بقي من أقسام المنافقين شيء ؟ قيل : نعم! ﴿ستجدون﴾ أي عن قرب بوعد لا شك فيه ﴿آخرين﴾ أي من المنافقين ﴿يريدون أن يأمنوكم﴾ أي فلا يحصل لكم منهم ضرر ﴿ويأمنوا قومهم﴾ كذلك، لضعفهم عن كل منكم.
فهم يظهرون لكم الإيمان إذا لقوكم، ولهم الكفر إذا لقوهم، وهو معنى ﴿كلما ردوا إلى الفتنة﴾ أي الابتلاء بالخوف عند المخالطة ﴿أركسوا﴾ أي قلبوا منكوسين ﴿فيها ﴾.
ولما كان هؤلاء أعرق في النفاق وأردى وأدنى من الذين قبلهم وأعدى، صرح بمفهوم ما صرح به في أولئك، لأنه أغلظ وهم أجدر من الأولين بالإغلاظ، وطوى ما صرح به، ثم قال :﴿فإن لم يعتزلوكم﴾ ولما كان الاعتزال خضوعاً لا كبراً، صرح به في قوله :﴿ويلقوا إليكم السلم﴾ أي الانقياد.