قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (٤٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر بذلك فتقرر ملكه وقدرته على البعث على حسب ما وعد به بعد أن تحرر ملكه، دل عليه بتصرفه في العالم العلوي والسفلي بما يدل على القدرة على الإعادة فقال :﴿ألم تر أن الله﴾ أي ذا الجلال والجمال ﴿يزجي﴾ أي يسوق بالرياح، وسيأتي الكلام عليها في النمل ؛ وقال أبو حيان : إن الإزجاء يستعمل في سوق الثقل برفق.
﴿سحاباً﴾ أي بعد أن أنشأه من العدم تارة من السفل، وتارة من العلو، ضعيفاً رقيقاً متفرقاً، قال أبو حيان : وهو اسم جنس واحده سحابة، والمعنى : يسوق سحابة إلى سحابة.
وهو معنى ﴿ثم يؤلف بينه﴾ أي بين أجزائه بعد أن كانت قطعاً في جهات مختلفة ﴿ثم يجعله ركاماً﴾ في غاية العظمة متراكباً بعضه على بعض بعد أن كان في غاية الرقة ﴿فترى﴾ أي في تلك الحالة المستمرة ﴿الودق﴾ أي المطر، قال القزاز : وقيل : هو احتفال المطر.