قوله تعالى ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١)﴾
مناسبة الآيتين لما قبلهما
قال البقاعى :
ولما نهى عن العضل تسبباً إلى إذهاب بعض ما أعطيته المرأة أتبعه التصريح بالنهي عن أخذ شيء منه في غير الحالة التي أذن فيها في المضارة فقال :﴿وإن﴾ أي إن لم تعضلوا المرأة، بل ﴿أردتم استبدال زوج﴾ أي تنكحونها ﴿مكان زوج﴾ أي فارقتموها أو لا، ولم يكن من قبلنا ما يبيح الضرار.
ولما كان المراد بزوج الجنس جمع في قوله :﴿وآتيتم إحداهن﴾ أي إحدى النساء اللاتي وقع الإذن لكم في جمعهن في النكاح سواء كانت بدلاً أو مستبدلاً بها ﴿قنطاراً﴾ أي مالاً جماً ﴿فلا تأخذوا منه شيئاً﴾ أي بالمضارة عن غير طيب نفس منها، ولا سبب مباح، ثم عظم أخذه باستفهام إنكار وتوبيخ فقال :﴿أتأخذونه﴾ أي على ذلك الوجه، ولما تقدم أن من صور الغصب على الافتداء حال الإتيان بالفاحشة شبه الأخذ في هذه الحالة التي لا سبب لها بالأخذ في تلك الحالة، فجعل الأخذ على هذه الصورة قائماً مقام القذف بما لا حقيقة له فلذلك قال :﴿بهتاناً وإثماً مبيناً﴾ أي كذوي بهتان في أخذه وإثم مبين - لكونه لا سبب له - يورث شبهة فيه، ثم غلظ ذلك باستفهام آخر كذلك فقال :﴿وكيف تأخذونه وقد﴾ أي والحال أنه قد ﴿أفضى﴾ أي بالملامسة ﴿بعضكم إلى بعض﴾ أي فكدتم أن تصيروا جسداً واحداً ﴿وأخذن﴾ أي النساء ﴿منكم﴾ أي بالإفضاء والاتحاد ﴿ميثاقاً غليظاً﴾ قوياً عظيماً، أي بتقوى الله في المعاشرة بالإحسان وعدم الإساءة، لأن مبنى النكاح على ذلك وإن لم يصرح به فيه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٣٠ ـ ٢٣١﴾
وقال القرطبى :
لما مضى في الآية المتقدّمة حكم الفراق الذي سببه المرأة، وأن للزوج أخذَ المال منها عقَّب ذلك بذكر الفراق الذي سبّبه الزوج، وبيّن أنه إذا أراد الطلاق من غير نُشُوز وسوء عشرة فليس له أن يطلب منها مالاً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٩٩﴾.

فصل


قال الفخر :
قالوا : الآية تدل على جواز المغالاة في المهر، روي أن عمر رضي الله عنه قال على المنبر : ألا لا تغالوا في مهور نسائكم، فقامت امرأة فقالت : يا ابن الخطاب الله يعطينا وأنت تمنع وتلت هذه الآية، فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر، ورجع عن كراهة المغالاة.


الصفحة التالية
Icon