وعندي أن الآية لا دلالة فيها على جواز المغالاة لأن قوله :﴿وآتيتم إحداهن قنطارا﴾ لا يدل على جواز إيتاء القنطار كما أن قوله :﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] لا يدل على حصول الآلهة، والحاصل أنه لا يلزم من جعل الشيء شرطا لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع، وقال عليه الصلاة والسلام :" من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين " ولم يلزم منه جواز القتل، وقد يقول الرجل : لو كان الإله جسما لكان محدثا، وهذا حق، ولا يلزم منه ان قولنا : الإله جسم حق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٢﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً ﴾ الآية.
دليل على جواز المغالاة في المهور ؛ لأن الله تعالى لا يمثِّل إلاَّ بمباح.
وخطب عمر رضي الله عنه فقال : ألا لا تَغالوا في صَدُقات النساء فإنها لو كانت مَكْرُمَة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله ﷺ ؛ ما أصدق قَطّ امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقِية.
فقامت إليه امرأة فقالت : يا عمر، يعطينا الله وتَحْرِمنا ا أليس الله سبحانه وتعالى يقول :﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً ﴾ ؟ فقال عمر : أصابت امرأة وأخطأ عمر.
وفي رواية فأطرق عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر ا.
وفي أخرى : امرأة أصابت ورجل أخطأ.
وترك الإنْكارَ.
أخرجه أبو حاتم البستيّ في صحيح مسنده عن أبي العَجْفاء السلمي قال : خطب عمر الناس، فذكره إلى قوله : اثنتي عشرة أوقية، ولم يذكر : فقامت إليه امرأة.


الصفحة التالية
Icon