قوله تعالى ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أمرهم ونهاهم، ذكر لهم ترغيباً مشيراً إلى ترهيب فقال :﴿واذكروا﴾ أي نعمة الله عليكم ﴿إذ جعلكم خلفاء﴾ أي فيما أنتم فيه ﴿من بعد عاد﴾ أي إهلاكهم ﴿وبوأكم في الأرض﴾ أي جعل لكم في جنسها مساكن تبوءون أي ترجعون إليها وقت راحتكم، سهل عليكم من عملها في أي أرض أردتم ما لم يسهله على غيركم، ولهذا فسر المراد بقوله :﴿تتخذون﴾ أي بما لكم من الصنائع ﴿من سهولها قصوراً﴾ أي أبنية بالطين واللبن والآجر واسعة عالية حسنة يقصر أمل الآمل ونظر الناظر عليها مما فيها من المرافق والمحاسن ﴿وتنحتون الجبال﴾ أي أيّ جبل أرتم تقدرونها ﴿بيوتاً ﴾.
ولما ذكرهم بهذه النعم مرغباً مرهباً، كرر ذلك إشارة وعبارة فقال مسبباً عما ذكرهم به :﴿فاذكروا﴾ أي ذكر إذعان ورغبة ورهبة ﴿آلاء﴾ أي نعم ﴿الله﴾ أي الذي له صفات الكمال فلا حاجة به إلى أحد، فإحسانه هو الإحسان في الحقيقة ﴿ولا تعثوا في الأرض﴾ من العثي وهو الفساد، وهو مقلوب عن العيث - قاله ابن القطاع، وحينئذ يكون قوله :﴿مفسدين﴾ بمعنى معتمدين للفساد. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٥٧ ـ ٥٨﴾
فصل
قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد﴾
قيل إنه تعالى لما أهلك عاداً عمر ثمود بلادها، وخلفوهم في الأرض وكثروا وعمروا أعماراً طوالاً.
ثم قال :﴿وبوأكم في الأرض﴾ أنزلكم، والمبوأ : المنزل من الأرض، أي في أرض الحجر بين الحجاز والشام.