قوله تعالى ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين ما نشأ عن رؤيته صلى الله عليه والسلم من قلتهم وما كان ينشأ عن رؤيته الكثرة لو وقعت، لأنه ـ ﷺ ـ - لما هو عليه من النصيحة والشفقة - كان يخبرهم بما رأى كما أخبرهم في غزوة أحد بالبقر المذبحة ؛ أتبعه ما فعل من اللطف في رؤيتهم بأنفسهم يقظة فقال :﴿وإذ﴾ أي واذكروا أيضاً إذ ﴿يريكموهم﴾ أي يبصركم أياهم ﴿إذ﴾ أي حين ﴿التقيتم﴾ ونبه على أن الرؤية ليست على حقيقة ما هم عليه بقوله :﴿في أعينكم﴾ أي لا في نفس الأمر حال كونهم ﴿قليلاً﴾ أي عددهم يسيراً أمرهم مصدقاً لما أخبركم به النبي ـ ﷺ ـ عن رؤياه لتجترئوا عليهم ؛ روي عن ابن مسعود ـ رضى الله عنهم ـ أنه قال : لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي : أتراهم سبعين؟ قال : أراهم مائة، فأسرنا رجلاً منهم فقلنا : كم كنتم؟ قال : ألفاً، قال الحرالي في آل عمران : فجعل القليل وصفاً لهم لازماً ثابتاً دائماً عليهم بما أوجب فيهم من نقص ذواتهم بخفاء فطرتهم وما وراء خلق الفطرة من الذوات، قال تعالى :﴿ويقللكم﴾ صيغة فعل واقع وقت لا وصفاً لهم من حيث إنه لو أراهم أياهم على الإراءة الحقيقية لزادهم مضاعفين بالعشر، فكانوا يرونهم ثلاثة آلاف ومائتين وثلاثين - انتهى.


الصفحة التالية
Icon