قوله تعالى ﴿ وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
أكد طبعهم على الكفر بقوله عطفاً على قوله ﴿لعادوا﴾ :﴿وقالوا﴾ أي بعد الرد ما كانوا يقولونه قبل الموت في إنكار البعث ﴿إن هي أي ما هذه الحياة التي نحن ملابسوها {إلاّ حياتنا الدنيا﴾ أي التي كنا عليها قبل ذلك ﴿وما نحن﴾ وأغرقوا في النفي فقالوا :﴿بمبعوثين﴾ أي بعد أن نموت، وما رؤيتنا لما رأينا قبل هذا من البعث إلاّ سحر لا حقيقة له، ولم ينفعهم مشاهدة البعث بل ضرتهم، هذا محتمل وظاهر، ولكن الأنسب لسياق الآيات قبل وبعد أن يكون هذا حكاية لقولهم له ﷺ في هذه الدار عطفاً على قوله ﴿وقالوا لولا أنزل عليه ملك﴾ [ الأنعام : ٨ ] على الوجه الأول. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٢٣ ـ ٦٢٤﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أنه حصل في الآية قولان :
الأول : أنه تعالى ذكر في الآية الأولى، أنه بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل فبين في هذه الآية أن ذلك الذي يخفونه هو أمر المعاد والحشر والنشر، وذلك لأنهم كانوا ينكرونه ويخفون صحته ويقولون ما لنا إلا هذه الحياة الدنيوية، وليس بعد هذه الحياة لا ثواب ولا عقاب.
والثاني : أن تقدير الآية ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ولأنكروا الحشر والنشر، وقالوا :﴿إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٦١﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَقَالُواْ ﴾ عطف على ( عادوا ) كما عليه الجمهور.
واعترضه ابن الكمال بأن حق ﴿ وَإِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ] حينئذٍ أن يؤخر عن المعطوف أو يقدم على المعطوف عليه.
وأجيب بأن توسيطه لأنه اعتراض مسوق لتقرير ما أفادته الشرطية من كذبهم المخصوص ولو أخر لأوهم أن المراد تكذيبهم في إنكارهم البعث.
وجوز أن يكون عطفاً على ﴿ إِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ أو على خبر إن أو على ﴿ نُهُواْ ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ] والعائد محذوف أي قالوه، وأن يكون استئنافاً بذكر ما قالوا في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon