قوله تعالى ﴿ قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
فلما عظم الشقاق وضاق الخناق كان كأنه قيل : فما قال له الرسل؟ فقيل :﴿قالوا﴾ ودلوا بحرف النداء الموضوع للبعد على أنه كان قد خرج عن الدار وأجاف بابها وأن الصياح كان شديداً ﴿يا لوط﴾ إنك لتأوي إلى ركن شديد ؛ ثم عللوا ذلك بقولهم :﴿إنا رسل ربك﴾ أي المحسن إليك بإحسانك وكل ما ترى مما يسوءك ويسرك ؛ ثم لما ثبت له ذلك كان من المحقق أنه سبب في ألا يدانيه معه سوء فأوضحوه بقولهم :﴿لن يصلوا إليك﴾ من غير احتياج إلى الربط بالفاء، أي ونحن مهلكوهم وقالبوا مدنهم بهم ﴿فأسر﴾ أي سر بالليل ماضياً ﴿بأهلك﴾ موقعاً ذلك السير والإسراء ﴿بقطع﴾ أي بطائفة، أي والحال أنه قد بقي عند خروجك جانب ﴿من الَّيل ولا يلتفت﴾ أي ينظر إلى ورائه ولا يتخلف ﴿منكم أحد﴾ أي لا تلتفت أنت ولا تدع أحداً من أهلك يلتفت ﴿إلا امرأتك﴾ استثناء من " أحد " بالرفع والنصب لأن المنهي كالمنفي في جواز الوجهين، والنهي له ـ ﷺ ـ، فالفعل بالنسبة إليه منهي، وبالنسبة إليهم منفي.