ويمكن أن يكون أخرجها معه لأن معنى الاستثناء أنه غير مأمور بالإسراء بها إلا أنه منهي عنه، واستثناءها من الالتفات معهم مفهم أنه لا حجر عليه في الإسراء بها، أو أنه خلفها فتبعتهم والتفتت، فيكون قراءة النصب من ﴿أهلك﴾، وقراءة الرفع من ﴿أحد﴾ ولا يلزم من ذلك أمرها بالالتفات بل مخالفتها للمستثنى منه في عدم النهي، ولذلك عللوا ما أفهمه إهمالها من الإسراء والنهي من أنها تلتفت بقولهم مؤكدين لأن تعلق الأمل بنجاتها شديد رحمة لها :﴿إنه﴾ أي الشأن ﴿مصيبها﴾ لا محالة ﴿ما أصابهم﴾ سواء التفت أو لا، تخلفت أو لا، ثم ظهر لي من التعبير في حقها باسم الفاعل وفي حقهم بالماضي أنه حكم بإصابة العذاب لهم عند هذا القول للوط عليه السلام لأن ذنوبهم تمت، وأما هي قإنما يبرم الحكم بذلك في حقها عند تمام ذنوبها التي رتبت عليها الإصابة وذلك عند الالتفات.
ولما عبروا بالماضي تحقيقاً للوقوع وتنبيهاً على أنه تقدم دخولها معهم في أسباب العذاب، كان منبهاً لأن يقال : كان الإيقاع بهم قد دنا بهم جداً؟ فقيل : نعم، وأكد تحقيقاً للوقوع تلذيذاً به ولأنه - لقرب الوقت - بحيث ينكر :﴿إن موعدهم﴾ أي لابتداء الأخذ ﴿الصبح﴾ وكأن لوطاً عليه السلام أبطأ في جميع أهله وما يصلحهم، فكان فعله فعل من يستبعد الصبح، فأنكروا ذلك بقولهم :﴿أليس الصبح بقريب﴾ أي فأسرع الخروج بمن أمرت بهم ؛ والإسراء : سير الليل كالسرى.