قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الذي نالوا به الإقبال من مولاهم عليهم - مما وصفهم به من الضيق وما معه - هو التقوى والصدق في الإيمان كما كان ما يجده الإنسان في نفسه مما الموت عنده والقذف في النار أحب إليه من التلفظ به صريح الإيمان بشهادة المصطفى ـ ﷺ ـ، رغب سبحانه في الصدق فقال :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي ادعوا ذلك ﴿اتقوا الله﴾ أي خافوا سطوة من له العظمة الكاملة تصديقاً لدعواكم فلا تفعلوا إلا ما يرضيه ﴿وكونوا﴾ أي كوناً صادقاً بجميع الطبع والجبلة ﴿مع الصادقين﴾ أي في كل أمر يطلب منهم، ولعله أخرج الأمر مخرج العموم ليشمل كل مؤمن، فمن كان مقصراً كانت آمره له باللحاق، ومن كان مسابقاً كانت حاثة له على حفظ مقام الاستباق، ولعله عبر ب ﴿مع﴾ ليشمل أدنى الدرجات، وهو الكون بالجثت، وقد روى البخاري توبة كعب أحد هؤلاء الثلاثة ـ رضى الله عنهم ـ م في مواضع من صحيحه منها التفسير، وكذا رواه غيره عن كعب نفسه ـ رضى الله عنهم ـ " أنه لم يتخلف عن رسول الله ـ ﷺ ـ في غزوة غزاها قط غير غزوتين : غزوة العسرة - يعني هذه - وغزوة بدر، وأن تخلفه ببدر إنما كان لأن النبي ـ ﷺ ـ لم يندب الناس إليها ولا حثهم عليها لأنه ما خرج أولاً إلا لأجل العير، قال : فأجمعت صدق رسول الله ـ ﷺ ـ، كان قل ما يقدم من سفر سافره إلا ضحى، وكان يبدأ بالمسجد فيركع ركعتين ونهى النبي ـ ﷺ ـ عن كلامي وكلام صاحبي - يعني مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي - ولم ينه عن كلام أحد من المتخلفين غيرنا، فاجتنب الناس كلامنا فلبثت كذلك حتى طال عليَّ الأمر، وما من شيء أهم إلي من أن أموت فلا يصلي عليّ النبي ـ ﷺ ـ أو يموت النبي ـ ﷺ ـ فأكون من الناس بتلك المنزلة فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلي عليّ، فأنزل الله عز وجل توبتنا على نبيه ـ صلى