قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان من من أغرب الأشياء الدالة على تمام القدرة الدال على الوحدانية أن يكون شيء واحد سبباً لسعادة قوم وهداهم، وشقاوة قوم وضلالهم وعماهم وكان ذلك، امراً دقيقاً وخطباً جليلاً، لا يفهمه حق فهمه إلا أعلى الخلائق، ذكر المخاطب بهذا الذكر ما يشاهد من آيته، فقال على طريق الإستخبار لوصول المخاطب إلى رتبة أولي الفهم بما ساق من ذلك سبحانه على طريق الإخبار في قوله :﴿الله الذي أرسل الرياح﴾ ولفت القول إلى الاسم الأعظم دلالة على عظمة ما في حيزه :﴿ألم تر أن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿أنزل من السماء﴾ أي التي لا يصعد إليها الماء ولا يستمسك عن الهبوط منها في غير أوقاته إلا بقدرة باهرة لا يعجزها شيء ﴿ماء﴾ أي لا شيء يشابهه في مماثلة بعضه لبعض، فلا قدرة لغيره سبحانه على تمييز شيء منه إلى ما يصلح لشيء دون آخر.