قوله تعالى ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كانت رتبة الصلاح في غاية العظمة قال مشيراً إلى علو مقدارها :﴿ومن الصالحين﴾ ومعلماً بأنها محيطة بأمره، شاملة لآخر عمره، كما كانت مقارنة لأوله، وكأنها لما سمعت ذلك امتلأت تعجباً فاستخفها ذلك إلى الاستعجال بالسؤال قبل إكمال المقال بأن ﴿قالت رب﴾ أيها المحسن إلى ﴿أنّى﴾ أي من أين وكيف ﴿يكون لي﴾ ولما كان استبعادها لمطلق الحبل، لا بقيد كونه ذكراً كما في قصة زكريا عليه السلام قالت ﴿ولد﴾ وقالت :﴿ولم يمسسني بشر﴾ لفهمها ذلك من نسبته إليها فقط.
قال الحرالي : والبشر هو اسم المشهود من الآدمي في جملته بمنزلة الوجه في أعلى قامته، من معنى البشرة، وهو ظاهر لاجلد انتهى ( ولعل هذا الكلام خطر لها ولم تلفظ به فعلم الملك عليه السلام أنه شغل فكرها فأجابها عنه لتفريغ الفهم بأن ﴿قال كذلك﴾ أي مثل هذا الفعل العظيم الشأن العالم الرتبة يكون ما بشرتك به ) ولما كان استبعادها لمطلق التكوين من غير سبب أصلاً عبر في تعليل ذلك بالخلق فقال :﴿الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا اعتراض عليه ﴿يخلق﴾ أي يقدر ويصنع ويخترع ﴿ما يشاء﴾ فعبر بالخلق إشارة إلى أن العجب فيه لا في مطلق الفعل كما في يحيى عليه السلام من جعل الشيخ كالشاب، ثم علل ذلك بما بين سهولته فقال :﴿إذا قضى أمراً﴾ أي جل أو قل ﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾ بياناً للكلمة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٩٠﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon