قوله تعالى ﴿ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر الكتاب المنزل عليه حسن ذكر الرسالة فقال بعد ما أفاد عظمتها بجعله ما مضى مقدمات لها :﴿ورسولاً﴾ عطفاً على " تالياً " المقدر، أو ينصب بتقدير : يجعله ﴿إلى بني إسراءيل﴾ أي بالإنجيل.
ولما كان ذكر الرسالة موجباً لتوقع الآية دلالة على صحتها، وكان من شأن الرسول مخاطبة المرسل إليهم وإقباله بجميع رسالته عليهم اتبعه ببيان الرسالة مقروناً بحرف التوقع فقال :﴿أني﴾ أي ذاكراً أني ﴿قد جئتكم بآية من ربكم﴾ أي الذي طال إحسانه إليكم، ثم أبدل من " آية " ﴿إني أخلق لكم﴾ أي لأجل تربيتكم بصنائع الله ﴿من الطين﴾ قال الحرالي : هو متخمر الماء والتراب حيث يصير متهيئاً لقبول وقع الصورة فيه ﴿كهيئة﴾ وهي كيفية وضع أعضاء الصورة بعضها من بعض التي يدركها ظاهر الحس - انتهى وهي الصورة المتهيئة لما يراد منها ﴿الطير﴾ ثم ذكر احتياجه في إحيائه إلى معالجة بقوله معقباً للتصوير :﴿فأنفخ﴾ قال الحرالي : من النفخ، وهو إرسال الهواء من منبعثه بقوة انتهى.


الصفحة التالية
Icon