﴿فيه﴾ أي في ذلك الذي هو مثل الهيئة ﴿فيكون طيراً﴾ أي طائراً بالفعل - كما في قراءة نافع، وذكر المعالجة لئلا يتوهم أنه خالق حقيقة، ثم أكد ذلك إزالة لجميع الشبه بقوله :﴿بإذن الله﴾ أي بتمكين الملك الأعظم الذي له جميع صفات الكمال، له روح كامل لحمله في الهواء تذكيراً بخلق آدم عليه السلام من تراب، وإشارة إلى أن هذا أعجب من خلق آدمي من أنثى فقط فلا تهلكوا في ذلك.
ولما ذكر ما يشبه أمر آدم عليه السلام أتبعه علاج أجساد أولاده بما يردها إلى معتادها بما يعجز أهل زمانه، وكان الغلب عليهم الطب وبدأ بأجزائها فقال :﴿وأبرىء﴾ قال الحرالي : من الإبراء وهو تمام التخلص من الداء، والداء ما يوهن القوى ويغير الأفعال العامة للطبع والاختيار - انتهى.
﴿الأكمه والأبرص﴾ بإيجاد ما فقد منها من الروح المعنوي ؛ والكمه - قال الحرالي - ذهاب البصر في أصل معناه : تلمع الشيء بلمع خلاف ما هو عليه، ومنه براص الأرض - لبقع لا نبت فيها، ومنه البريص في معنى البصيص، فما تلمع من الجلد على غير حاله فهو لذلك برص وقال الحرالي : البرص عبارة عن سور مزاج يحصل بسببه تكرج، أي فساد بلغم يضعف القوة المغيرة عن إحالته إلى لون الجسد - انتهى.