﴿ وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم ﴾..
الله وحده الذي يعلم السر، ولا يضيع عنده الخير..
وأخيراً يختم دستور الصدقة في هذا الدرس بنص عام يشمل كل طرائق الإنفاق. وكل أوقات الإنفاق ؛ وبحكم عام يشمل كل منفق لوجه الله :
﴿ الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار، سراً وعلانية، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾..
ويبدو التناسق في هذا الختام في عموم النصوص وشمولها، سواء في صدر الآية أم في ختامها. وكأنما هي الإيقاع الأخير الشامل القصير..
﴿ الذين ينفقون أموالهم ﴾..
هكذا بوجه عام يشمل جميع أنواع الأموال..
﴿ بالليل والنهار. سراً وعلانية ﴾..
لتشمل جميع الأوقات وجميع الحالات..
﴿ فلهم أجرهم عند ربهم ﴾..
هكذا إطلاقاً.
من مضاعفة المال. وبركة العمر. وجزاء الآخرة. ورضوان الله.
﴿ ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾..
لا خوف من أي مخوف، ولا حزن من أي محزن.. في الدنيا وفي الآخرة سواء..
إنه التناسق في ختام الدستور القويم يوحي بذلك الشمول والتعميم..
وبعد فإن الإسلام لا يقيم حياة أهله على العطاء. فإن نظامه كله يقوم أولاً على تيسير العمل والرزق لكل قادر ؛ وعلى حسن توزيع الثروة بين أهله بإقامة هذا التوزيع على الحق والعدل بين الجهد والجزاء.. ولكن هنالك حالات تتخلف لأسباب استثنائية وهذه هي التي يعالجها بالصدقة.. مرة في صورة فريضة تجبيها الدولة المسلمة المنفذة لشريعة الله كلها وهي وحدها صاحبة الحق في جبايتها : وهي مورد هام من موارد المالية العامة للدولة المسلمة. ومرة في صورة تطوع غير محدود يؤديه القادرون للمحتاجين رأساً. مع مراعاة الآداب التي سبق بيانها. وبضمانة تعفف الآخذين.. هذا التعفف الذي تصف هذه الآية صورة منه واضحة. وقد رباه الإسلام في نفوس أهله فإذا أحدهم يتحرج أن يسأل وله أقل ما يكفيه في حياته..