الصفة الأولى : قوله ﴿الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِى سَبِيلِ الله﴾ [ البقرة : ٢٧٣ ] فنقول : الإحصار في اللغة أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين سفره، من مرض أو كبر أو عدو أو ذهاب نفقة، أو ما يجري مجرى هذه الأشياء، يقال : أحصر الرجل فهو محصر، ومضى الكلام في معنى الإحصار عند قوله ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ بما يعني عن الإعادة، أما التفسير فقد فسرت هذه الآية بجميع الأعداد الممكنة في معنى الإحصار فالأول : أن المعنى : إنهم حصروا أنفسهم ووقفوها على الجهاد، وأن قوله ﴿فِى سَبِيلِ الله﴾ مختص بالجهاد في عرف القرآن، ولأن الجهاد كان واجباً في ذلك الزمان، وكان تشتد الحاجة إلى من يحبس نفسه للمجاهدة مع الرسول ﷺ، فيكون مستعداً لذلك، متى مست الحاجة، فبيّن تعالى في هؤلاء الفقراء أنهم بهذه الصفة، ومن هذا حاله يكون وضع الصدقة فيهم يفيد وجوهاً من الخير
أحدها : إزالة عيلتهم
والثاني : تقوية قلبهم لما انتصبوا إليه
وثالثها : تقوية الإسلام بتقوية المجاهدين
ورابعها : أنهم كانوا محتاجين جداً مع أنهم كانوا لا يظهرون حاجتهم، على ما قال تعالى :﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الأرض يَحْسَبُهُمُ الجاهل أَغْنِيَاء مِنَ التعفف﴾.
والقول الثاني : وهو قول قتادة وابن زيد : منعوا أنفسهم من التصرفات في التجارة للمعاش خوف العدو من الكفار لأن الكفار كانوا مجتمعين حول المدينة، وكانوا متى وجدوهم قتلوهم.
والقول الثالث : وهو قول سعيد بن المسيب واختيار الكسائي : أن هؤلاء القوم أصابتهم جراحات مع رسول الله ﷺ، وصاروا زمنى، فأحصرهم المرض والزمانة عن الضرب في الأرض.
والقول الرابع : قال ابن عباس هؤلاء قوم من المهاجرين حبسهم الفقر عن الجهاد في سبيل الله فعذرهم الله.


الصفحة التالية