فلذا لا يفعل معهم سبحانه وتعالى فعل المحب لا بالبركة في أموالهم ولا باليمن في أحوالهم،
وهذا النفي من عموم السلب،
وطريقه أنك تعتبر النفي أولاً ثم تنسبه إلى الكل،
فيكون المعنى : انتفى عن كل كفار أثيم حبه،
وكذا كل ما ورد عليك من أشباهه إن اعتبرت النسبة إلى الكل أولاً ثم نفيت فهو لسلب العموم،
وإن اعتبرت النفي أولاً ثم نسبته إلى الكل فلعموم السلب،
وكذلك جميع القيود ؛ فالكلام المشتمل على نفي وقيد قد يكون لنفي التقييد وقد يكون لتقييد النفي،
فمثل : ما ضربته تأديباً،
أي بل إهانة،
سلب للتعليل والعمل للفعل،
وما ضربته إكراماً له،
أي تركت ضربه للإكرام،
تعليل للسلب والعمل للنفي،
وما جاءني راكباً،
أي بل ماشياً،
نفي للكيفية،
وما حج مستطيعاً،
أي ترك الحج مع الاستطاعة،
تكييف للنفي ؛ وقد أشبع الشيخ سعد الدين التفتازاني رحمه الله تعالى الكلام في ذلك في شرحه للمقاصد في بحث الرؤية عند استدلال المعتزلة بقوله تعالى :﴿لا تدركه الأبصار﴾ [ الأنعام : ١٠٤ ]. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٣٩﴾
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما بالغ في الزجر عن الربا، وكان قد بالغ في الآيات المتقدمة في الأمر بالصدقات، ذكر هاهنا ما يجري مجرى الدعاء إلى ترك الصدقات وفعل الربا، وكشف عن فساده، وذلك لأن الداعي إلى فعل الربا تحصيل المزيد في الخيرات، والصارف عن الصدقات الاحتراز عن نقصان الخير فبين تعالى أن الربا وإن كان زيادة في الحال، إلا أنه نقصان في الحقيقة، وأن الصدقة وإن كانت نقصاناً في الصورة، إلا أنها زيادة في المعنى، ولما كان الأمر كذلك كان اللائق بالعاقل أن لا يلتفت إلى ما يقضي به الطبع والحس من الدواعي والصوارف، بل يعول على ما ندبه الشرع إليه من الدواعي والصوارف فهذا وجه النظم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٨٣﴾
فصل
قال الفخر :