واعلم أن هذه الآية أصل كبير في أحكام الكفار إذا أسلموا، وذلك لأن ما مضى في وقت الكفر فإنه يبقى ولا ينقص، ولا يفسخ، وما لا يوجد منه شيء في حال الكفر فحكمه محمول على الإسلام، فإذا تناكحوا على ما يجوز عندهم ولا يجوز في الإسلام فهو عفو لا يتعقب، وإن كان النكاح وقع على محرم فقبضته المرأة فقد مضى، وإن كانت لم تقبضه فلها مهر مثلها دون المهر المسمى، هذا مذهب الشافعي رضي الله عنه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٨٦﴾
فائدة
قال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : يأ أيها الذين أمنوا بألسنتهم اتقوا الله بقلوبكم.
والثاني : يأيها الذين أمنوا بقلوبهم اتقوا الله في أفعالكم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٥١﴾
سؤال : فإن قيل : كيف قال :﴿ياأيها الذين ءَامَنُواْ اتقوا﴾ ثم قال في آخره ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ؟
الجواب : من وجوه الأول : أن هذا مثل ما يقال : إن كنت أخاً فأكرمني، معناه : إن من كان أخا أكرم أخاه والثاني : قيل : معناه إن كنتم مؤمنين قبله
الثالث : إن كنتم تريدون استدامة الحكم لكم بالإيمان الرابع : يا أيها الذين آمنوا بلسانهم ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين بقلوبكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٨٦﴾
وقال أبو حيان :
﴿إن كنتم مؤمنين﴾ تقدّم أنهم مؤمنون بخطاب الله تعالى لهم :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ وجمع بينهما بأنه شرط مجازي على جهة المبالغة، كما تقول لمن تريد إقامة نفسه : إن كنت رجلاً فافعل كذا قاله ابن عطية، أو بأن المعنى :
إن صح إيمانكم، يعني أن دليل صحة الإيمان وثباثه امتثال ما أمرتم به من ذلك، قاله الزمخشري، وفيه دسيسه اعتزال، لأنه إذا توقفت صحة الإيمان على ترك هذه المعصية فلا يجامعها الصحة مع فعلها، وإذا لم يصح إيمانه لم يكن مؤمناً، مدعى المعتزلة.


الصفحة التالية
Icon