التداين تفاعل من الدين، ومعناه داين بعضكم بعضاً، وتداينتم تبايعتم بدين،
قال أهل اللغة : القرض غير الدين، لأن القرض أن يقرض الإنسان دراهم، أو دنانير، أو حباً، أو تمراً، أو ما أشبه ذلك، ولا يجوز فيه الأجل والدين يجوز فيه الأجل، ويقال من الدين أدان إذا باع سلعته بثمن إلى أجل، ودان يدين إذا أقرض، ودان إذا استقرض وأنشد الأحمر :
ندين ويقضي الله عنا وقد نرى.. مصارع قوم لا يدينون ضيقا
إذا عرفت هذا فنقول : في المراد بهذه المداينة أقوال : قال ابن عباس : أنها نزلت في السلف لأن النبي ﷺ قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث، فقال ﷺ :" من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " ثم أن الله تعالى عرف المكلفين وجه الاحتياط في الكيل والوزن والأجل، فقال :﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فاكتبوه ﴾.
والقول الثاني : أنه القرض وهو ضعيف لما بينا أن القرض لا يمكن أن يشترط فيه الأجل والدين المذكور في الآية قد اشترط فيه الأجل.
والقول الثالث : وهو قول أكثر المفسرين : أن البياعات على أربعة أوجه
أحدها : بيع العين بالعين، وذلك ليس بمداينة ألبتة
والثاني : بيع الدين بالدين وهو باطل، فلا يكون داخلاً تحت هذه الآية، بقي هنا قسمان : بيع العين بالدين، وهو ما إذا باع شيئاً بثمن مؤجل وبيع الدين بالعين وهو المسمى بالسلم، وكلاهما داخلان تحت هذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٩٤ ـ ٩٥﴾
فائدة لغوية
قال ابن عاشور :
التداين تفاعل، وأطلق هنا مع أنّ الفعل صادر من جهة واحدة وهي جهة المُسَلِّف لأنّك تقول ادّان منه فَدانَه، فالمفاعلة منظور فيها إلى المخاطبين هم مجموع الأمة ؛ لأنّ في المجموع دائناً ومديناً، فصار المجموع مشتملاً على جانبين.


الصفحة التالية
Icon