الجواب : أن كلمة ﴿إِذَا﴾ وإن كانت لا تقتضي العموم، إلا أنها لا تمنع من العموم وهاهنا قام الدليل على أن المراد هو العموم، لأنه تعالى بيّن العلة في الأمر بالكتبة في آخر الآية، وهو قوله ﴿ذلكم أَقْسَطُ عِندَ الله وَأَقْوَمُ للشهادة وَأَدْنَى ألاّ تَرْتَابُواْ﴾ والمعنى إذا وقعت المعاملة بالدين ولم يكتب، فالظاهر أنه تنسى الكيفية، فربما توهم الزيادة، فطلب الزيادة وهو ظلم، وربما توهم النقصان فترك حقه من غير حمد ولا أجر، فأما إذا كتب كيفية الواقعة أمن من هذه المحذورات فلما دلّ النص على أن هذا هو العلة، ثم إن هذه العلة قائمة في الكل، كان الحكم أيضاً حاصلاً في الكل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٩٥﴾
قوله تعالى :﴿إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ قال ابن المنذر : دل قول الله " إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى" على أن السَّلَم إلى الأجل المجهول غير جائز، ودَلَّت سنة رسول الله على مثل معنى كتاب الله تعالى.
ثبت أن رسول الله ﷺ قدِم المدينة وهم يستلِفون في الثمار السنتين والثلاث ؛ فقال رسول الله ﷺ :" من أسلف في تمرٍ فليسلِف في كيلِ معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم " رواه ابن عباس.
أخرجه البخاريّ ومسلم وغيرهما.
وقال ابن عمر : كان أهل الجاهلية يتبايعون لَحم الجَزُور إلى حَبَل الحَبَلَة.
وحبل الحبلة : أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نُتِجت.
فنهاهم رسول الله ﷺ عن ذلك.
وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن السّلَم الجائز أن يُسلِم الرجل إلى صاحبه في طعام معلوم موصوف، من طعام أرض عامّة لا يخطىء مثلها، بكيل معلوم، إلى أجلٍ معلوم بدنانير أو دراهم معلومةٍ، يدفع عن ما أسْلَم فيه قبل أن يفترقا من مقامهما الذي تبايعا فيه، وسَميَّا المكان الذي يُقْبَض فيه الطعام.