قوله تعالى ﴿بالعدل﴾
قال الفخر :
أما قوله ﴿بالعدل﴾ ففيه وجوه
الأول : أن يكتب بحيث لا يزيد في الدين ولا ينقص منه، ويكتبه بحيث يصلح أن يكون حجة له عند الحاجة إليه
الثاني : إذا كان فقيهاً وجب أن يكتب بحيث لا يخص أحدهما بالاحتياط دون الآخر، بل لا بد وأن يكتبه بحيث يكون كل واحد من الخصمين آمنا من تمكن الآخر من إبطال حقه
الثالث : قال بعض الفقهاء : العدل أن يكون ما يكتبه متفقاً عليه بين أهل العلم ولا يكون بحيث يجد قاض من قضاة المسلمين سبيلاً إلى إبطاله على مذهب بعض المجتهدين
الرابع : أن يحترز عن الألفاظ المجملة التي يقع النزاع في المراد بها، وهذه الأمور التي ذكرناها لا يمكن رعايتها إلا إذا كان الكاتب فقيهاً عارفاً بمذاهب المجتهدين، وأن يكون أديباً مميزاً بين الألفاظ المتشابهة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٩٦ ـ ٩٧﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ بالعدل ﴾ أي بالحق والمعدلة، أي لا يُكتب لصاحب الحق أكثر مما قاله ولا أقلّ.
وإنما قال " بَيْنَكُمْ" ولم يقل أحدكم ؛ لأنه لما كان الذي له الديْن يَتَّهِم في الكتابة الذي عليه الديْن وكذلك بالعكس شرع الله سبحانه كاتباً غيرهما يكتب بالعدل لا يكون في قلبه ولا قلمهُ موَادَّةٌ لأحدهما على الآخر.
وقيل : إن الناس لما كانوا يتعاملون حتى لا يشذّ أحدهم عن المعاملة، وكان منهم من يكتب ومن لا يكتب، أمر الله سبحانه أن يكتب بينهم كاتبٌ بالعدل. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٨٣ ـ ٣٨٤﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ بالعدل ﴾ أي بالحق، وليس العدل هنا بمعنى العدالة التي يوصف بها الشاهد فيقال رجل عدل لأنّ وجود الباء يصرف عن ذلك، ونظيره قوله الآتي :﴿ فليملل وليه بالعدل ﴾.