ولذلك قصر المفسرون قوله :﴿ فاكتبوه ﴾ على أن يكتبه كاتب غير المتداينين لأنّه الغالب، ولتعقيبه بقوله : وليكتب بينكم كاتب بالعدل، فإنّه كالبيان لكيفية فاكتبوه، على أنّ كتابة المتعاقدين إن كانا يحسنانها تؤخذ بلحن الخطاب أو فحواه.
ولذلك كانت الآية حجة عند جمهور العلماء لصحة الاحتجاج بالخط، فإنّ استكتاب الكاتب إنّما ينفع بقراءة خطه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٠١﴾
فائدة لغوية
قال القرطبى :
الباء في قوله تعالى ﴿ بالعدل ﴾ متعلقة بقوله :" وَلْيَكْتُبْ" وليست متعلقة بـ " كَاتِبٌ" لأنه كان يلزم ألا يكتب وثيقة إلا العدل في نفسه، وقد يكتبها الصبيّ والعبد والمتحوط إذا أقاموا فقهها.
أما المنتصبون لكتْبها فلا يجوز للولاة أن يتركوهم إلا عدولا مرضيين.
قال مالك رحمه الله تعالى : لا يكتب الوثائق بين الناس إلا عارفٌ بها عدل في نفسه مأمون ؛ لقوله تعالى :﴿ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بالعدل ﴾.
قلت : فالباء على هذا متعلقة بـ " كاتب" أي ليكتب بينكم كاتب عدل ؛ ف " بالعدل" في موضع الصفة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٨٤﴾
وقال الثعلبى :
﴿وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبُ بِالْعَدْلِ﴾ وقرأ الحسن وليكتب بكسر اللام،
وهذه اللام،
لام الأمر ولا يؤمر بها غير الغائب،
وهي إذا كانت مفردة فليس فيها إلاّ الحركة،
فإذا كانت قبلها واو أو فاء أو ثم،
فأكثر العرب على تسكينها طلباً للخفّة ومنهم مَنْ يكسرها على الأصل. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٢ صـ ٢٩١﴾
قوله تعالى :﴿ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾
المناسبة
قال البقاعى :