فكان فيه مثل لما نزل به الكتاب من إجراء كلام الله سبحانه وتعالى على ألسنة خلقه في نحو ما تقدم من قوله :﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [ الفاتحة : ٥ ] وما تفصل منها ﴿الله ولي الذين آمنوا﴾ [ البقرة : ٢٥٧ ] أمل ما عليهم من الحقوق له فجعل كلاماً من كلامه يتلونه، فكان الإملال منه لهم لتقاصرهم عن واجب حقه تقاصر السفيه ومن معه عن إملال وليه عنه لرشده وقوته وتمكن استطاعته - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٤٦﴾

فصل


قال الفخر :
ظاهر هذا الكلام نهى لكل من كان كاتباً عن الامتناع عن الكتبة، وإيجاب الكتبة على كل من كان كاتباً، وفيه وجوه
الأول : أن هذا على سبيل الإرشاد إلى الأولى لا على سبيل الإيجاب، والمعنى أن الله تعالى لما علمه الكتبة، وشرّفه بمعرفة الأحكام الشرعية، فالأولى أن يكتب تحصيلاً لمهم أخيه المسلم شكراً لتلك النعمة، وهو كقوله تعالى :﴿وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ﴾ [ القصص : ٧٧ ] فإنه ينتفع الناس بكتابته كما نفعه الله بتعليمها.
والقول الثاني : وهو قول الشعبي : أنه فرض كفاية، فإن لم يجد أحداً يكتب إلا ذلك الواحد وجب الكتبة عليه، فإن وجد أقواماً كان الواجب على واحد منهم أن يكتب.
والقول الثالث : أن هذا كان واجباً على الكاتب، ثم نسخ بقوله تعالى :﴿وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ ﴾.
والقول الرابع : أن متعلق الإيجاب هو أن يكتب كما علمه الله، يعني أن بتقدير أن يكتب فالواجب أن يكتب على ما علمه الله، وأن لا يخل بشرط من الشرائط، ولا يدرج فيه قيداً يخل بمقصود الإنسان، وذلك لأنه لو كتبه من غير مراعاة هذه الشروط اختل مقصود الإنسان، وضاع ماله، فكأنه قيل له : إن كنت تكتب فاكتبه عن العدل، واعتبار كل الشرائط التي اعتبرها الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٩٧﴾
قوله تعالى ﴿كَمَا عَلَّمَهُ الله﴾
قال الفخر
قوله ﴿كَمَا عَلَّمَهُ الله﴾ فيه احتمالان


الصفحة التالية
Icon