فصل
قال الفخر :
اتفقت الفقهاء اليوم على أن الرهن في السفر والحضر سواء في حال وجود الكاتب وعدمه، وكان مجاهد يذهب إلى أن الرهن لا يجوز إلا في السفر أخذاً بظاهر الآية، ولا يعمل بقوله اليوم وإنما تقيدت الآية بذكر السفر على سبيل الغالب، كقوله ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة إِنْ خِفْتُمْ﴾ [ النساء : ١٠١ ] وليس الخوف من شرط جواز القصر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٠٥ ـ ١٠٦﴾
وقال القرطبى :
قال جمهور من العلماء : الرّهْنُ في السفر بنص التنزيل، وفي الحضر ثابت بسنة الرسول ﷺ، وهذا صحيح.
وقد بيّنا جوازه في الحضر من الآية بالمعنى، إذْ قد تترتّب الأعذار في الحضر، ولم يُروَ عن أحدٍ منعُه في الحضر سوى مجاهد والضحاك وداود، متمسِّكين بالآية.
ولا حجة فيها ؛ لأن هذا الكلام وإن كان خرج مخرج الشرط فالمراد به غالب الأحوال.
وليس كون الرهن في الآية في السفر مما يحظر في غيره.
وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة أنّ النبيّ ﷺ اشترى من يهودي طعاماً إلى أجلٍ ورهنه دِرعاً له من حديد.
وأخرجه النسائي من حديث ابن عباس قال : توفى رسول الله ﷺ ودِرْعُه مرهونةٌ عند يهوديّ بِثلاثين صاعاً من شعير لأهله. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٤٠٧﴾
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً ﴾ قرأ الجمهور " كاتباً" بمعنى رجل يكتب.
وقرأ ابن عباس وأُبيّ ومجاهد والضحاك وعِكرِمة وأبو العالية " ولم تَجِدوا كتاباً".
قال أبو بكر الأنباري : فسّره مجاهد فقال : معناه فإن لم تجدوا مِداداً يعني في الأسفار.
وروي عن ابن عباس " كُتَّاباً".
قال النحاس : هذه القراءة شاذّة والعامّة على خلافها، وقلّما يخرج شيء عن قراءة العامة إلا وفيه مَطْعَن ؛ ونسَق الكلام على كاتب ؛ قال الله عز وجل قبل هذا :﴿ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بالعدل ﴾ وكُتَّابٌ يقتضي جماعةً.