قال الله تعالى :﴿ آمَنَ الرسول ﴾ على معنى الشكر أي صدق الرسول ﴿ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ ﴾ فأراد النبيّ ﷺ أن يشارك أُمته في الكرامة والفضيلة فقال :﴿ والمؤمنون كُلٌّ آمَنَ بالله وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ يعني يقولون آمنا بجميع الرسل ولا نكفر بأحد منهم ولا نفرّق بينهم كما فرّقت اليهود والنصارى، فقال له ربه كيف قبولهم بآي الذي أنزلتها ؟ وهو قوله :﴿ وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ ﴾ فقال رسول الله ﷺ ﴿ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصير ﴾ يعني المرجع.
فقال الله تعالى عند ذلك ﴿ لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ يعني طاقتها ويقال : إلاَّ دُون طاقتها.
﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ ﴾ من الخير ﴿ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت ﴾ من الشر، فقال جبريل عند ذلك : سل تُعْطَه، فقال النبيّ ﷺ :﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ ﴾ يعني إن جهلنا ﴿ أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ يعني إن تعمدنا، ويقال : إن عملنا بالنسيان والخَطَأ.
فقال له جبريل : قد أعطيت ذلك قد رفع عن أُمتك الخطأ والنسيان.
فسل شيئاً آخر فقال :﴿ رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً ﴾ يعني ثقلاً ﴿ كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذين مِن قَبْلِنَا ﴾ وهو أنه حرّم عليهم الطيِّبات بظلمهم، وكانوا إذا أذنبوا بالليل وجدوا ذلك مكتوباً على بابهم، وكانت الصلوات عليهم خمسين، فخفّف الله عن هذه الأُمة وحَطّ عنهم بعد ما فرض خمسين صلاة.


الصفحة التالية
Icon