﴿ وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ ﴾ في الخيانة وإنكار الحق، وفي الجمع بين عنوان الألوهية وصفة الربوبية من التأكيد والتحذير ما لا يخفى، وقد أمر سبحانه بالتقوى عند الوفاء حسبما أمر بها عند الإقرار تعظيماً لحقوق العباد وتحذيراً عما يوجب وقوع الفساد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٦٢﴾
فصل
قال القرطبى :
وقوله :﴿ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشهادة ﴾ تفسير لقوله :" وَلاَ يُضَارر" بكسر العين.
نهى الشاهد عن أن يضر بكتمان الشهادة، وهو نهي على الوجوب بعدة قرائن منها الوعيد.
وموضع النهي هو حيث يخاف الشاهد ضياع حق.
وقال ابن عباس : على الشاهد أن يشهد حيثما استشهد، ويخبر حيثما استخبر، قال : ولا تقل أخبر بها عند الأمير بل أخبر بها لعله يرجع ويرعَوِي.
وقرأ أبو عبد الرحمن " ولا يكتموا" بالياء، جعله نهياً للغائب. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٤١٥﴾
وقال ابن عاشور :
اعلم أنّ قوله تعالى :﴿ ولا تكتموا الشهادة ﴾ نهي، وأنّ مقتضى النهي إفادة التكرار عند جمهور علماء الأصول : أي تكرارِ الانكفاف عن فعل المنهيّ في أوقات عُروضِ فعله، ولولا إفادته التكرار لَما تحقّقت معصية، وأنّ التكرار الذي يقتضيه النهي تكرار يستغرق الأزمنة التي يعرض فيها داعٍ لِفعل المنهيّ عنه، فلذلك كان حقّاً على من تحمّل شهادة بحقّ ألاّ يكتمه عند عروض إعلانه : بأن يبلغه إلى من ينتفع به، أو يقضِي به، كلّما ظهر الداعي إلى الاستظهار به، أو قبلَ ذلك إذا خشي الشاهد تلاشي ما في علمه : بغيبة أو طُرُوِّ نسيان، أو عروض موت، بحسب ما يتوقّع الشاهد أنّه حافظٌ للحقّ الذي في علمه، على مقدار طاقته واجتهاده.