إذا كان على الحق شهود تعيّن عليهم أداؤها على الكفاية، فإن أدّاها اثنان واجتزأ الحاكم بهما سقط الفرض عن الباقين، وإن لم يجتزأ بها تعيّن المشي إليه حتى يقع الإثبات.
وهذا يعلم بدعاء صاحبها، فإذا قال له : أحيي حقي بأداء ما عندك لي من الشهادة تعين ذلك عليه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٤١٥﴾
قوله تعالى :﴿وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ﴾
قال الفخر :
الآثم الفاجر، روي أن عمر كان يعلم أعرابياً ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم طَعَامُ الأثيم﴾ [ الدخان : ٤٣، ٤٤ ] فكان يقول : طعام اليتيم، فقال له عمر : طعام الفاجر.
فهذا يدل على أن الآثم بمعنى الفجور. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٠٧﴾
قال ابن عاشور :
وأسند الإثم إلى القلب وإنّما الآثم الكاتم لأنّ القلب أي حركات العقل يسبّب ارتكاب الإثم : فإنّ كتمان الشهادة إصْرار قلبي على معصية، ومثله قوله تعالى :﴿ [ الأعراف : ١١٦ ] وإنّما سحَروا الناس بواسطة مرئيات وتخيّلات وقول الأعشى :
كذلكَ فافعل ما حييتَ إذا شَتَوْا
وأقْدِمْ إذَا ما أعْيُنُ الناسِ تَفْرق...
لأنْ الفرَق ينشأ عن رؤية الأهوال. أ هـ {التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٢٨﴾
وقال الخازن :
إنما أضيف الإثم إلى القلب لأن الأفعال من الدواعي والصوارف إنما تحدث في القلب فلما كان الأمر كذلك أضيف الإثم إلى القلب قيل : ما أوعد الله على شيء كإيعاده عن كتمان الشهادة فإنه تعالى قال ﴿ فإنه آثم قلبه ﴾ وأراد به مسخ القلب نعوذ بالله من ذلك. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ٣٠٩﴾
وقال البيضاوى :
وإسناد الإِثم إلى القلب لأن الكتمان مقترفه ونظيره : العين زانية والأذن زانية. أو للمبالغة فإنه رئيس الأعضاء وأفعاله أعظم الأفعال، وكأنه قيل : تمكن الإِثم في نفسه وأخذ أشرف أجزائه، وفاق سائر ذنوبه. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ١ صـ ٥٨٣﴾