وقال ابن الجوزى :
قال القاضي أبو يعلى : إنما أضاف الإثم إلى القلب، لأن المآثم تتعلق بعقد القلب، وكتمان الشهادة إنما هو عقد النية لترك أَدائِها. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٣٤٢﴾
وقال الآلوسى :
وأضاف الآثم إلى القلب مع أنه لو قيل :( فإنه آثم ) لتم المعنى مع الاختصار، لأن الآثم بالكتمان وهو مما يقع بالقلب وإسناد الفعل بالجارحة التي يعمل بها أبلغ، ألا تراك تقول إذا أردت التوكيد هذا مما أبصرته عيني ومما سمعته أذني ومما عرفه قلبي ؟ ولأن الإثم وإن كان منسوباً إلى جملة الشخص لكنه اعتبر الإسناد إلى هذا الجزء المخصوص متجوزاً به عن الكل لأنه أشرف الأجزاء ورئيسها، وفعله أعظم من أفعال سائر الجوارح، فيكون في الكلام تنبيه على أن الكتمان من أعظم الذنوب، وقيل : أسند الإثم إلى القلب لئلا يظن أن كتمان الشهادة من الآثام المتعلقة باللسان فقط وليعلم أن القلب أصل متعلقه ومعدن اقترافه، وقيل : للإشارة إلى أن أثر الكتمان يظهر في قلبه كما جاء في الخبر " إذا أذنب العبد يحدث في قلبه نكتة سوداء وكلما أذنب زاد ذلك حتى يسود ذلك بتمامه"، أو للإشارة إلى أنه يفسد قلبه فيفسد بدنه كله، فقد ورد " إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" والكل ليس بشيء كما لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٦٣﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن كثيراً من المتكلمين قالوا.
إن الفاعل والعارف والمأمور والمنهي هو القلب، وقد استقصينا هذه المسألة في سورة الشعراء في تفسير قوله تعالى :﴿نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ﴾ [ الشعراء : ١٩٣، ١٩٤ ] وذكرنا طرفاً منه في تفسير قوله
﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ﴾ [ البقرة : ٩٧ ] وهؤلاء يتمسكون بهذه الآية ويقولون : إنه تعالى أضاف الآثم إلى القلب فلولا أن القلب هو الفاعل وإلا لما كان آثماً.


الصفحة التالية
Icon