هذا معطوف على قوله :﴿ إذا تداينتم بدَين وَإِن كُنتُمْ على سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فرهان مَّقْبُوضَةٌ ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ] الآية، فجميع ما تقدّم حكم في الحضر والمُكنة، فإن كانوا على سفر ولم يتمكّنوا من الكتابة لعدم وجود من يكتب ويشهد فقد شُرع لهم حكم آخر وهو الرهن، وهذا آخر الأقسام المتوقّعة في صور المعاملة، وهي حالة السفر غالباً، ويلحق بها ما يماثل السفر في هاته الحالة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٢٠﴾
وقال القرطبى :
لمّا ذكر الله تعالى النَّدْب إلى الإشهاد والكتْب لمصلحة حفظ الأموال والأدّيَان، عقّب ذلك بذكر حال الأعذار المانعة من الكتْب، وجعل لها الرهن، ونص من أحوال العذر على السفر الذي هو غالب الأعذار، لا سيما في ذلك الوقت لكثرة الغزو، ويدخل في ذلك بالمعنى كلُّ عذر.
فرُبّ وقت يتعذّر فيه الكاتب في الحضر كأوقات أشغال الناس وبالليل، وأيضاً فالخوف على خراب ذمّة الغريم عذرٌ يوجب طلب الرهن.
وقد " رهن النبيّ ﷺ دِرْعَه عند يهودي طلب منه سلَف الشعير فقال : إنما يريد محمد أن يذهب بمالي.
فقال النبيّ ﷺ :" كذب إنِّي لأمينٌ في الأرض أمينٌ في السماء ولو ائتمنني لأدّيت اذهبوا إليه بدرعي" فمات ودِرعه مرهونة ﷺ، " على ما يأتي بيانه آنِفاً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٤٠٧﴾
فائدة
قال ابن الجوزى :
إنما خص السفر، لأن الأغلب عدم الكاتب، والشاهد فيه
ومقصود الكلام : إذا عدمتم التوثق بالكتاب، والإشهاد، فخذوا الرهن. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٣٤١﴾
فائدة بلاغية
قال الآلوسى :
﴿ وَإِن كُنتُمْ على سَفَرٍ ﴾ أي مسافرين ففيه استعارة تبعية حيث شبه تمكنهم في السفر بتمكن الراكب من مركوبه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ٦٢﴾
فصل
قال الفخر :
أصل الرهن من الدوام، يقال : رهن الشيء إذا دام وثبت، ونعمة راهنة أي دائمة ثابتة.