إذا عرفت أصل المعنى فنقول : أصل الرهن مصدر.
يقال : رهنت عند الرجل أرهنه رهناً إذا وضعت عنده، قال الشاعر :
يراهنني فيرهنني بنيه.. وأرهنه بني بما أقول
إذا عرفت هذا فنقول : إن المصادر قد تنقل فتجعل أسماء ويزول عنها عمل الفعل، فإذا قال : رهنت عند زيد رهناً لم يكن انتصابه انتصاب المصدر، لكن انتصاب المفعول به كما تقول : رهنت عند زيد ثوباً، ولما جعل اسماً بهذا الطريق جمع كما تجعل الأسماء وله جمعان : رهن ورهان، ومما جاء على رهن قول الأعشى :
آليت لا أعطيه من أبنائنا.. رهناً فيفسدهم كمن قد أفسدا
وقال بعيث :
بانت سعاد وأمسى دونها عدن.. وغلقت عندها من قبلك الرهن
ونظيره قولنا : رهن ورهن، سقف وسقف، ونشر ونشر، وخلق وخلق، قال الزجاج : فعل وفعلى قليل، وزعم الفرّاء أن الرهن جمعه رهان، ثم الرهان جمعه رهن فيكون رهن جمع الجمع وهو كقولهم ثمار وثمر، ومن الناس من عكس هذا فقال : الرهن جمعه رهن، والرهن جمعه رهان، واعلم أنهما لما تعارضا تساقطا لا سيما وسيبويه لا يرى جمع الجمع مطرداً، فوجب أن لا يقال به إلا عند الاتفاق، وأما أن الرهان جمع رهن فهو قياس ظاهر، مثل نعل ونعال، وكبش وكباش وكعب وكعاب، وكلب وكلاب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٠٥﴾
وقال ابن عاشور :
الرهان جمع رهن ويجمع أيضاً على رُهُن بضم الراء وضم الهاء وقد قرأه جمهور العشرة : بكسر الراء وفتح الهاء، وقرأه ابن كثير، وأبو عَمْرو : بضم الراء وضم الهاء، وجمْعُه باعتبار تعدّد المخاطبين بهذا الحكم.
والرهن هنا اسم للشيء المرهون تسميةً للمفعول بالمصدر كالخلْق.
ومعنى الرهن أن يجعل شيء من متاع المدين بيد الدائن توثقة له في دينه.
وأصل الرهن في كلام العرب يدل على الحَبس قال تعالى :﴿ كل نفس ما كسبت رهينة ﴾ [ المدثر : ٣٨ ] فالمرهون محبوس بيد الدائن إلى أن يستوفي دينه قال زهير :
وفارقْتَك برهن لا فَكَاكَ لَه