يومَ الوَدَاعِ فأمسَى الرهن قد غَلِقَا...
والرهن شائع عند العرب : فقد كانوا يرهنون في الحمالات والدَيات إلى أن يقع دفعها، فربّما رهنوا أبناءهم، وربّما رهنوا واحداً من صناديدهم، قال الأعشى يَذْكر أنّ كِسْرى رام أخذ رهائن من أبنائهم :
آلَيْتُ لا أُعْطِيه من أبنائنا
رُهُنا فنفسدَهم كمَن قد أفْسَدا...
وقال عبد الله بن هَمَّام السلولي :
فلمّا خَشِيتُ أظَافِيرَهم
نَجَوْت وأرْهَنْتُهُم مَالِكَا...
ومن حديث كعب بن الأشْرَفِ أنّه قال لعبد الرحمن بن عَوْف : ارْهَنُوني أبْنَاءَكم.
ومعنى فرِهانٌ : أي فرهان تعَوّض بها الكتابة.
ووصفُها بمقبوضة إمّا لمجرّد الكشف، لأنّ الرهان لا تكون إلاّ مقبوضة، وإمّا للاحتراز عن الرهن للتوثقة في الديون في الحضر فيؤخَذ مِن الإذن في الرهن أنّه مباح فلذلك إذا سأله ربّ الدين أجيبَ إليه فدلّت الآية على أنّ الرهن توثقة في الدين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٢٠ ـ ١٢١﴾
فائدة
قال الفخر :
في الآية حذف فإن شئنا جعلناه مبتدأ وأضمرنا الخبر، والتقدير : فرهن مقبوضة بدل من الشاهدين، أو ما يقوم مقامهما، أو فعليه رهن مقبوضة، وإن شئنا جعلناه خبراً وأضمرنا المبتدأ، والتقدير : فالوثيقة رهن مقبوضة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٠٥﴾
سؤال : فإن قلت : لم شرط الارتهان في السفر مع عدم الكاتب ولا يختص به سفر دون حضر وقد صح أن رسول الله ﷺ رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي على طعام أخذه إلى أجل، ولم يكن ذلك في سفر ولا عند عدم كاتب.
قلت ليس الغرض تجويز الارتهان في السفر خاصة دون الحضر، ولكن لما كان السفر مظنة لإعواز الكاتب.
والإشهاد أمر الله تعالى به على سبيل الإرشاد إلى حفظ الأموال لمن كان على سفر بأن يقيم التوثيق بالارتهان مقام الكتابة والإشهاد. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ٣٠٩﴾


الصفحة التالية
Icon