(قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون)..
(قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء ؟).
(ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله. وإذا لقوكم قالوا : آمنا. وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ)..
(إن تمسسكم حسنة تسؤهم، وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها)..
وهكذا نرى أن أعداء الجماعة المسلمة لم يكونوا يحاربونها في الميدان بالسيف والرمح فحسب ; ولم يكونوا يؤلبون عليها الأعداء ليحاربوها بالسيف والرمح فحسب.. إنما كانوا يحاربونها أولا في عقيدتها. كانوا يحاربونها بالدس والتشكيك، ونثر الشبهات وتدبير المناورات ! كانوا يعمدون أولا إلى عقيدتها الإيمانية التي منها انبثق كيانها، ومنها قام وجودها، فيعملون فيها معاول الهدم والتوهين. ذلك أنهم كانوا يدركون كما يدركون اليوم تماما - أن هذه الأمة لا تؤتى إلا من هذا المدخل ; ولا تهن إلا إذا وهنت عقيدتها ; ولا تهزم إلا إذا هزمت روحها ; ولا يبلغ أعداؤها منها شيئا وهي ممسكة بعروة الإيمان، مرتكنة إلى ركنه، سائرة على نهجه، حاملة لرايته، ممثلة لحزبه، منتسبة إليه، معتزة بهذا النسب وحده.
ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه الأمة هو الذي يلهيها عن عقيدتها الإيمانية، ويحيد بها عن منهج الله وطريقه، ويخدعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة.