أقدم الأديان وأصحها (إِنَّ الْهُدى ) إلخ اعتراضية أيضا، وقد أتى بها بمعنى أن الذي أنتم عليه إنما صار دينا بحكم اللّه وهو الهدي الذي هدى الناس إليه وأمر باتباعه، فإذا أمر باتباع دين غيره وجب الانقياد إليه إذعانا لحكمه ولكنه لم يأمر.
وقال بعض المفسرين انتهى ما حكاه اللّه عن اليهود عند قوله (إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) وما بعد خطاب لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم، وعليه تتجه قراءة الحسن والأعمش (أَنْ يُؤْتى ) بكسر الهمزة (من إن) وما جرينا عليه أولى لسلامة الآية عن التبعيض ولمناسبتها لسياق ما بعدها وكون التفضيل المنبئة عنه هذه الآية أولى بأن يعزى لسيد الأنبياء وسيد الكتب وخير الأمم.
وهذه الآية من أصعب آيات القرآن تفسيرا بعد سورة البينة، والآية ١٠٨ من المائدة الآتيتين، هذا واللّه أعلم، وهو الذي "يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ" من خلقه "وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (٧٤) الذي لا يوازيه فضل.
تشير هذه الآية إلى أن فضل اللّه ورحمته لا يتقدان بسبب ولا علة وان من هداه اللّه لحقه عن يقين لن يرجع عن هداه بترهات المبطلين، وان التذبذب في الإنسان دليل على عدم صحة عقيدته.