قال تعالى "وَإِنَّ مِنْهُمْ" اليهود "لَفَرِيقاً يَلْوُونَ" يفتلون ويصرفون "أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ" التوراة عن المعنى المراد فيها إلى غيره وهو ضرب من ضروب التبديل والتحريف لكتاب اللّه ويفعلون ذلك "لِتَحْسَبُوهُ" أيها الناس وهو محرف مبدل "مِنَ الْكِتابِ" الذي أنزله اللّه عليهم واللّه تعالى يقول لكم أنه مغير "وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" واللّه يقول لكم أنه مبدل محرف "وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" وكررت هذه الجملة في لفظ متحد لقصد التأكيد وهو مطلوب هنا لا سيما في هذه المواقع لما فيها من نسبة ما لم يكن للحضرة الإلهية "وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ" خلافا لما هو في علمه "وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٨" أنه كذب ليس من الكتاب ولا من عند اللّه، وكررت الجملة الأخيرة أيضا بعين ما هو في الآية ٧٥ المارة لأنها بصنف غير الصنف المبين فيها لما اجتمع اليهود مع وقد نجران، قال أبو رافع القرظي أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم ؟ وقال السيد من وفد نجران أتريد ذلك يا محمد وأن نعبدك كما تعبد اليهود عزيرا وكما تعبد بنو مليح الملائكة ؟ قال معاذ اللّه أن نعبد أو نأمر أو نريد غير عبادة اللّه وحده ما بذلك بعثت يا قوم ولا أمرني ربي به وليس هو من شأني، فأنزل اللّه "ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ" أي لا ينبغي هذا لأحد أصلا فضلا عن هذا الصنف الذي هو أبعد الناس عن مثله، لأن هذه النعم التي منّ اللّه بها عليه تمنعه من ذلك "وَلكِنْ" يقول لهم "كُونُوا رَبَّانِيِّينَ" علماء حكماء تربّون الناس بأخلاقكم وآدابكم الحسنة وتعلمونهم طرق الخير وسلوك سبل الرشاد و


الصفحة التالية
Icon