قوله ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي لْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ قدم فى السورة ذكر الكِبَر وأخر ذكر المرأَة، وقال فى سورة مريم ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً﴾ فقدم ذكر المرأة لأَن فى مريم قد تقدم ذكر الكِبَر فى قوله ﴿وَهَنَ العَظْمُ مِنِي﴾، وتأَخر ذكر المرأَة فى قوله ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً﴾ ثم أَعاد ذكرهما، فأَخر ذكر الكِبَر ليوافق (عتيا) ما بعده من الآيات وهى (سَويًّا) و (عشيًّا) و (صبيًّا).
قوله ﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ﴾ وفى مريم ﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ﴾ لأَن فى هسه السورة تقدم ذكرُ المسيح وهو ولدها، وفى مريم تقدم ذكر الغلام حيث قال ﴿لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً﴾.
قوله ﴿فَأَنْفُخُ فِيْهِ﴾ وفى المائدة (فيها) قيل: الضمير فى هذه يعود إِلى الطير، وقيل إِلى الطين، وقيل إِلى المهيَّأ، وقيل إِلى الكاف فإِنه فى معنى مثل.
وفى المائدة يعود إلى الهيئة.
وهذا جواب التذكير والتأنيث، لا جواب التخصيص، وإِنما الكلام وقع فى التخصيص وهل يجوز أَن يكون كل واحد منهما مكان الآخر أَم لا.
فالجواب أَن يقال: فى هذه السُّورة إِخبار قبل الفعل، فوحَّده ؛ وفى المائدة خطاب من الله له يوم القيامة، وقد سَبَق من عيسى عليه السلام الفعلُ مرّات والطير صالح للواحد والجمع.
قوله ﴿بِإِذْنِ اللهِ﴾ ذكره هنا مرتين، وفى المائدة ﴿بِإِذْنِي﴾ أَربعَ مرات لأَن ما فى هذه السُّورة من كلام عيسى، فما تصور أضن يكون من قِبَل البشر أَضافه إِلى نفسه، وهو الخَلْق الَّذى معناه التقدير، والنفخ الذى هو إِخراج الريح من الفم.