قوله ﴿جَآءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ ههنا بباء واحدة، إلا فى قراءة ابن عامر، وفى فاطر ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ بثلاث باءَات ؛ لأَن ما فى هذه السورة وقع فى كلام مبنى على الاختصار، وهو إِقامة لفظ الماضى فى الشرط مُقام لفظِ المستقبل، ولفظُ الماضى أَخفُّ، وبناءُ الفعل بالمجهول، فلا يُحتاج إِلى ذكر الفاعل.
وهو قوله: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوْكَ فَقَدْ كُذِّبَ﴾.
[ثم] حذف الباءَات ليوافق الأَوَّل فى الاختصار بخلاف ما فى فار فإِنَّ الشَّرط فيه بلفظ المستقبل والفاعل مذكور مع الفعل وهو قوله: ﴿وَإِنْ يَكَذِّبُوْكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ ثمّ ذكر بعده الباءَات ؛ ليكون كله على نَسق واحد.
قوله: ﴿ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ وفى غيره: (مَأْوَاهمْ جَهَنَّمُ) لأَن ما قبله فى هذه السورة ﴿لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ﴾ (أَى ذلك متاع فى الدنيا قليل)، والقليل يدل على تراخٍ وإن صغر وقل، و (ثم) للتراخى وكان موافقا. والله أَعلم. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ١ صـ ١٦١ ـ ١٦٧﴾


الصفحة التالية
Icon