قال الفخر :
قد ذكرنا في اتصال قوله ﴿إِنَّ الله لاَ يخفى عَلَيْهِ شَىْء فِي الأرض وَلاَ فِى السماء﴾ بما قبله احتمالين أحدهما : أن ذلك كالتقرير لكونه قيوماً والثاني : أن ذلك الجواب عن شبه النصارى، فأما على الاحتمال الأول فنقول : إنه تعالى أراد أن يبين أنه قيوم وقائم بمصالح الخلق ومصالح الخلق قسمان : جسمانية وروحانية، أما الجسمانية فأشرفها تعديل البنية، وتسوية المزاج على أحسن الصور وأكمل الأشكال، وهو المراد بقوله ﴿هُوَ الذي يُصَوّرُكُمْ فِي الأرحام﴾ [ آل عمران : ٦ ] وأما الروحانية فأشرفها العلم الذي تصير الروح معه كالمرآة المجلوة التي تجلت صور جميع الموجودات فيها وهو المراد بقوله ﴿هُوَ الذى أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب﴾ وأما على الاحتمال الثاني فقد ذكرنا أن من جملة شبه النصارى تمسكهم بما جاء في القرآن من قوله تعالى في صفة عيسى عليه السلام : إنه روح الله وكلمته، فبيّن الله تعالى بهذه الآية أن القرآن مشتمل على محكم وعلى متشابه، والتمسك بالمتشابهات غير جائز فهذا ما يتعلق بكيفية النظم، هو في غاية الحسن والاستقامة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٤٤ ـ ١٤٥﴾