وقال الآلوسى :
قوله تعالى ﴿هُوَ الذى أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب﴾ استئناف لإبطال شبه الوفد وإخوانهم الناشئة عما نطق به القرآن في نعت المسيح عليه السلام إثر بيان اختصاص الربوبية ومناطها به سبحانه. قيل : إن الوفد قالوا لرسول الله ﷺ : ألست تزعم أن عيسى كلمة الله تعالى وروح منه ؟ قال : بلى قالوا : فحسبنا ذلك فنفى سبحانه عليهم زيفهم وفتنتهم وبين أن الكتاب مؤسس على أصول رصينة وفروع مبنية عليها ناطقة بالحق قاضية ببطلان ما هم عليه كذا قيل ومنه يعلم وجه مناسبة الآية لما قبلها، واعترض بأن هذا الأثر لم يوجد له أثر في الصحاح ولا سند يعول عليه في غيرها، وقصارى ما وجد عن الربيع أن المراد بالموصول الآتي الوفد، وفيه أن الأثر بعينه أخرجه في "الدر المنثور" عن أبي حاتم وابن جرير عن الربيع، وعن بعضهم أن الآية نزلت في اليهود، وذلك حين مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله ﷺ وهو يتلو فاتحة سورة البقرة ( ١، ٢ ) ﴿الم ذلك الكتاب﴾ فأتى أخاه حي بن أخطب في رجال من يهود فقال : أتعلمون والله لقد سمعت محمداً يتلو فيما أنزل عليه ﴿الم ذلك الكتاب﴾ فقال : أنت سمعته ؟ قال : نعم فمشى حي في أولئك النفر إلى رسول الله ﷺ فقال : ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك ﴿الم ذلك الكتاب﴾ ؟ فقال : بلى فقال : لقد بعث الله تعالى قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك. الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم ﴿المص﴾ [ الأعراف : ١ ] قال : هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه مائة وإحدى وستون سنة هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم ﴿الر﴾ [ يونس : ١ ] قال : هذه أثقل وأطول هل مع هذا غيره ؟ قال : بلى ﴿المر﴾ [ الرعد : ١ ] قال : هذه أثقل وأطول ثم قال : لقد لبس علينا أمرك حتى ما


الصفحة التالية
Icon