فالقرآن مصدق لتلك الكتب في كل ذلك، والقرآن، وإن كان ناسخاً لشرائع أكثر الكتب، فهي مبشرة بالقرآن وبالرسول، ودالة على أن أحكامها تثبت إلى حين بعثة الله تعالى رسوله ﷺ، وأنها تصير منسوخة عند نزول القرآن.
فقد وافقت القرآن، وكان مصدقاً لها، لأن الدلائل الدالة على ثبوت الإلهية لا تختلف.
وانتصاب : مصدقاً، على الحال من الكتاب، وهي حال مؤكدة، وهي لازمة، لأنه لا يمكن أن يكون غير مصدق لما بين يديه، فهو كما قال :
أنا ابن دارة معروفاً به نسبي...
وهل بدارة يا للناس من عار ؟
وقيل : انتصاب : مصدقاً، على أنه بدل من موضع : بالحق، وقيل : حال من الضمير المجرور.
و: لما، متعلق بمصدقاً، واللام لتقوية التعدية، إذ : مصدقاً، يتعدى بنفسه، لأن فعله يتعدى بنفسه.
والمعنى هنا بقوله ﴿لما بين يديه﴾ المتقدم في الزمان.
وأصل هذا أن يقال : لما يتمكن الإنسان من التصرف فيه.
كالشيء الذي يحتوي عليه، ويقال : هو بين يديه إذا كان قدامه غير بعيد. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٩٢ ـ ٣٩٣﴾
قوله تعالى :﴿وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل﴾
قال الفخر :
قال صاحب "الكشاف" : التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، والاشتغال باشتقاقهما غير مفيد، وقرأ الحسن ﴿والإنجيل﴾ بفتح الهمزة، وهو دليل على العجمية، لأن أفعيل بفتح الهمزة معدوم في أوزان العرب، واعلم أن هذا القول هو الحق الذي لا محيد عنه، ومع ذلك فننقل كلام الأدباء فيه.
أما لفظ ﴿التوراة﴾ ففيه أبحاث ثلاثة :