ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
ويأتي القول الفصل في : ـ ﴿ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾.
هنا الجمع بين " نزل " و " أنزل ".
وساعة يقول الحق عن القرآن :﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ فمعنى ذلك أن القرآن يوضح المتجه ؛ إنه مصدق لما قبله ولما سبقه، إنه مصدق للقضايا العقدية الإيمانية التي لا يختلف فيها دين عن دين ؛ لأن الديانات إن اختلفت فإنما تختلف في بعض الأحكام، فهناك حكم يناسب زمنا وحكم آخر لا يناسب ذلك الزمن. أما العقائد فهي لا تتغير ولا تتبدل، وكذلك الأخبار وتاريخ الرسل، فليس في تلك الأمور تغيير.
ومعنى " مصدق " أي أن يطابق الخبر الواقع، وهذا ما نسميه " الصدق ". وإن لم يطابق الخبر الواقع فإننا نسميه " كذبا ". إذن، فالواقع هو الذي يحكم. ولذلك قلنا من قبل : إن الصادق هو الذي لا تختلف روايته للأحداث ؛ لأنه يستوحي واقعا، وكلما روى الحادثة فإنه يرويها نفسها بكلماتها وتفاصيلها، أما الكاذب فلا يوجد له واقع يحكي عنه، لذلك يُنشئ في كل حديث واقعا جديدا، ولذلك يقول الناس :" إن كنت كذوبا فكن ذكورا ". أي إن كنت تكذب ـ والعياذ بالله ـ فتذكر ما قلت ؛ حتى لا تناقضه بعد ذلك. فالصادق هو من يستقرئ الواقع، ومادام يروي عن صدق فهو يروي عن أمر ثابت لا تلويه الأهواء، فلا يحكي مرة بهوى، ومرة بهوى آخر.
ومادام الخبر صادقاً فإنه يصبح حقاً ؛ لأن الحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير وسبحانه يقول هنا :﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ ﴾.


الصفحة التالية