لا بد وأن يكون كامل القدرة وهو العزيز، وكامل العلم وهو الحكيم، وبقي في الآية أبحاث لطيفة، أما قوله ﴿لاَ يخفى عَلَيْهِ شَىْء فِي الأرض وَلاَ فِى السماء﴾ فالمراد أنه لا يخفى عليه شيء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٤١ ـ ١٤٤﴾
قال الطبرى :
يعني بذلك جل ثناؤه : إن الله لا يخفى عليه شيء هو في الأرض ولا شيء هو في السماء. يقول : فيكف يخفى علىّ يا محمدُ - وأنا علامُ جميع الأشياء - ما يُضَاهى به هؤلاء الذين يجادلونك في آيات الله من نصارى نجران في عيسى ابن مريم، في مقالتهم التي يقولونها فيه ؟. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٦ صـ ١٦٦﴾
سؤال : فإن قيل : ما الفائدة في قوله ﴿فِي الأرض وَلاَ فِى السماء﴾ مع أنه لو أطلق كان أبلغ ؟.
قلنا : الغرض بذلك إفهام العباد كمال علمه، وفهمهم هذا المعنى عند ذكر السموات والأرض أقوى، وذلك لأن الحس يرى عظمة السموات والأرض، فيعين العقل على معرفة عظمة علم الله عزّ وجلّ والحس متى أعان العقل على المطلوب كان الفهم أتم والإدراك أكمل، ولذلك فإن المعاني الدقيقة إذا أُريد إيضاحها ذكر لها مثال، فإن المثال يعين على الفهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٤٤﴾
فائدة
قال أبو حيان :
﴿إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء﴾ شيء نكرة في سياق النفي، فتعم، وهي دالة على كمال العلم بالكليات والجزئيات، وعبر عن جميع العالم بالأرض والسماء، إذ هما أعظم ما نشاهده، والتصوير على ما شاء من الهيئات دال على كمال القدرة، وبالعلم والقدرة يتم معنى القيومية، إذ هو القائم بمصالح الخلق ومهماتهم، وفي ذلك ردّ على النصارى، إذ شبهتهم في إدعاء إلهية عيسى كونه : يخبر بالغيوب، وهذا راجع إلى العلم، وكونه : يحيي الموتى، وهو راجع إلى القدرة.