والثالثة : بالإنفراد بالإلهية، ويحتمل أن يكون خبراً عن : أن.
وقال الراغب، هنا : يصوركم، بلفظ الحال، وفي موضع آخر : فصوركم، لأنه لا اعتبار بالأزمنة في أفعاله، وإنما استعملت الألفاظ فيه للدلالة على الأزمنة بحسب اللغات، وأيضاً : فصوركم، إنما هو على نسبة التقدير، وإن فعله تعالى في حكم ما قد فرع منه.
ويصوركم على حسب ما يظهر لنا حالاً فحالاً. انتهى.
وقرأ طاووس : تصوركم، أي صوركم لنفسه ولتعبده.
كقولك : أثلت مالاً، أي : جعلته أثلة.
أي : أصلاً.
وتأثلته إذا أثلته لنفسك.
وتأتي : تفعَّل، بمعنى : فعل، نحو : تولى، بمعنى : ولي.
ومعنى ﴿كيف يشاء﴾ أي : من الطول والقصر، واللون، والذكورة والأنوثة، وغير ذلك من الاختلافات.
وفي قوله :﴿كيف يشاء﴾ إشارة إلى أن ذلك يكون بسبب وبغير سبب، لأن ذلك متعلق بمشيئته فقط.
و: كيف، هنا للجزاء، لكنها لا تجزم.
ومفعول : يشاء، محذوف لفهم المعنى، التقدير : كيف يشاء أن يصوركم.
كقوله ﴿ينفق كيف يشاء﴾ أي : كيف يشاء أن ينفق، و : كيف، منصوب : بيشاء، والمعنى : على أي حال شاء أن يصوركم صوركم، ونصبه على الحال، وحذف فعل الجزاء لدلالة ما قبله عليه، نحو قولهم : أنت ظالم إن فعلت، التقدير : أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم، ولا موضع لهذه الجملة من الإعراب، وإن كانت متعلقة بما قبلها في المعنى، فتعلقها كتعلق إن فعلت، كقوله : أنت ظالم.
وتفكيك هذا الكلام وإعرابه على ما ذكرناه، لا يهتدى له إلاَّ بعد تمرّن في الإعراب، واستحضار للطائف النحو.
وقال بعضهم ﴿كيف يشاء﴾ في موضع الحال، معمول : يصوركم ؛ ومعنى الحال أي : يصوركم في الأرحام قادراً على تصوريكم مالكاً ذلك.
وقيل : التقدير في هذه الحال : يصوركم على مشيئته، أي مريداً، فيكون حالاً من ضمير اسم الله، ذكره أبو البقاء، وجوّز أن يكون حالاً من المفعول، أي : يصوركم منقلبين على مشيئته.


الصفحة التالية
Icon