واستبعد بعضهم هذا التأويلَ ؛ لقوله تعالى - في الأنفال [ الآية : ٤٤ ] - :﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً﴾، فالقصة واحدة، وهناك تدل الآية على أن الله - تعالى - قلَّل المشركين في أعين المؤمنين ؛ لئلا يَجْبُنُوا عنهم، وعلى هذا التأويل - المذكور ههنا - يكون قد كثرهم في أعينهم. ويمكن أن يجاب باختلاف الحالين ؛ وذلك أنه في وقتٍ أراهم [ إياهم ] مثلي عددهم ؛ ليمتحنهم ويبتليهم، ثم قلَّلهم في أعينهم ؛ ليقدموا عليهم، فالآيتان باعتبارين، ومثله قوله تعالى :﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ﴾ [ الرحمن : ٣٩ ]، وقوله :﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ الحجر : ٩٢ ] وقوله :﴿وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً﴾ [ النساء : ٤٢ ] مع قوله :﴿هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ﴾ [ المرسلات : ٣٥ ].
قال الفرّاء : المراد بالتقليل : التهوين، كقولك - في الكلام - إني لأرى كثيركم قليلاً، أي : قد هوّن عليّ، [ لا أني أرى الثلاثة اثنين ].


الصفحة التالية
Icon