والقول الثالث : وهو اختيار أبي علي الجبائي والقاضي وهو التفصيل، وذلك أن كل ما كان من هذا الباب واجباً أو مندوباً كان التزيين فيه من الله تعالى، وكل ما كان حراماً كان التزيين فيه من الشيطان هذا ما ذكره القاضي، وبقي قسم ثالث وهو المباح الذي لا يكون في فعله ولا في تركه ثواب ولا عقاب والقاضي ما ذكر هذا القسم، وكان من حقه أن يذكره ويبيّن أن التزيين فيه من الله تعالى، أو من الشيطان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٦٨ ـ ١٦٩﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ﴾ زين من التزيين.
واختلف الناس مَن المزيِّن ؛ فقالت فرقةٌ : الله زيَّن ذلك ؛ وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكره البخاريّ.
وفي التنزيل :﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا﴾ [ الكهف : ٧ ] ؛ ولما قال عمر : الآن يا ربِّ حين زيّنتها لنا! نزلت ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم﴾ [ آل عمران : ١٥ ] وقالت فرقة : المزيِّن هو الشيطان ؛ وهو ظاهر قول الحسن، فإنه قال : مَنْ زيّنَها ؟ ما أحدٌ أشدّ لها ذَمّا من خالقها.
فتزيين الله تعالى إنما هو بالإيجاد والتهيئة للانتفاع وإنشاء الجِبِلّة على الميل إلى هذه الأشياء.
وتزيين الشيطان إنما هو بالوَسْوَسة والخديعة وتحسين أخْذِها من غير وجوهها.
والآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس، وفي ضمن ذلك توبيخٌ لمعاصري محمد ﷺ من اليهود وغيرهِم.
وقرأ الجمهور "زُيِّنَ" على بناء الفعل للمفعول، ورفع ﴿حُبُّ﴾.
وقرأ الضحاك ومجاهد "زَيَّنَ" على بناء الفعل للفاعل، ونصب "حُبَّ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٨﴾
قوله تعالى ﴿حُبُّ الشهوات﴾
قال القرطبى :
حركت الهاء من ﴿الشَّهَوَاتِ﴾ فرقاً بين الاسم والنعت.
والشّهوات جمع شَهْوة وهي معروفة.
ورجل شهوان للشيء، وشيء شهيّ : أي مُشْتَهًى.
واتباع الشهوات مردٍ وطاعتها مهلكة.


الصفحة التالية
Icon