التحذير لما بين لهم فقال تعالى :﴿إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد﴾ [ آل عمران : ٤ ] ثم ارتبطت الآيات إلى آخرها انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٦ ـ ٢٧﴾
قال الفخر :
اعلم أن هذا الدعاء من بقية كلام الراسخين في العلم، وذلك لأنهم لما طلبوا من الله تعالى أن يصونهم عن الزيغ، وأن يخصهم بالهداية والرحمة، فكأنهم قالوا : ليس الغرض من هذا السؤال ما يتعلق بمصالح الدنيا فإنها منقضية منقرضة، وإنما الغرض الأعظم منه ما يتعلق بالآخرة فإنا نعلم أنك يا إلهنا جامع الناس للجزاء في يوم القيامة، ونعلم أن وعدك لا يكون خلفاً وكلامك لا يكون كذباً، فمن زاغ قلبه بقي هناك في العذاب أبد الآباد، ومن أعطيته التوفيق والهداية والرحمة وجعلته من المؤمنين، بقي هناك في السعادة والكرامة أبد الآباد، فالغرض الأعظم من ذلك الدعاء ما يتعلق بالآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٥٨﴾
فائدة
قال الفخر :
قوله ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ الناس لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ﴾ تقديره : جامع الناس للجزاء في يوم لا ريب فيه، فحذف لكون المراد ظاهراً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٥٨﴾
لطيفة
قال ابن عاشور :
قوله :﴿ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه﴾ استحضروا عند طلب الرحمة أحْوجَ ما يكونون إليها، وهو يومُ تكونُ الرحمة سبباً للفوز الأبدي، فأعقبوا بذكر هذا اليوم دعاءَهم على سبيل الإيجاز، كأنّهم قالوا : وهب لنا من لدنك رحمة، وخاصّة يوم تجمّع الناس كقول إبراهيم :﴿ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب﴾ [ إبراهيم : ٤١ ] على ما في تذكّر يوم الجمع من المناسبة بعد ذكر أحوال الغواة والمهتدين، والعلماءِ الراسخين.
ومعنى ﴿لا ريب فيه﴾ لا ريب فيه جديراً بالوقوع، فالمراد نفي الريب في وقوعه.