قلت : الفرق - والله أعلم - أن هذه الآية في مقام الهيبة، يعني أن الإلهية تقتضي الحشر والنشر لينتصف المظلومين من الظالمين، فكان ذكره باسمه الأعظم أولى في هذا المقام، أما قوله في آخر السورة ﴿إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد﴾ [ آل عمران : ١٩٤ ] فذاك المقام مقام طلب العبد من ربه أن ينعم عليه بفضله، وأن يتجاوز عن سيئاته فلم يكن المقام مقام الهيبة، فلا جرم قال :﴿إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٥٨ ـ ١٥٩﴾

فصل


قال الفخر :
احتج الجبائي بهذه الآية على القطع بوعيد الفساق، قال : وذلك لأن الوعيد داخل تحت لفظ الوعد، بدليل قوله تعالى :﴿أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّا﴾ [ الأعراف : ٤٤ ] والوعد والموعد والميعاد واحد، وقد أخبر في هذه الآية أنه لا يخلف الميعاد فكان هذا دليلاً على أنه لا يخلف في الوعيد.
والجواب : لا نسلم أنه تعالى يوعد الفساق مطلقاً، بل ذلك الوعيد عندنا مشروط بشرط عدم العفو، كما أنه بالاتفاق مشروط بشرط عدم التوبة، فكما أنكم أثبتم ذلك الشرط بدليل منفصل، فكذا نحن أثبتنا شرط عدم العفو بدليل منفصل، سلمنا أنه يوعدهم، ولكن لا نسلم أن الوعيد داخل تحت لفظ الوعد، أما قوله تعالى :﴿فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّا﴾.


الصفحة التالية
Icon