ومما يؤكد ما ذكرناه أن الله تعالى مدح هؤلاء المؤمنين بأنهم لا يتبعون المتشابهات، بل يؤمنون بها على سبيل الإجمال، وترك الخوض فيها فيبعد منهم في مثل هذا الوقت أن يتكلموا بالمتشابه فلا بد وأن يكونوا قد تكلموا بهذا الدعاء لاعتقادهم أن من المحكمات، ثم إن الله تعالى حكى ذلك عنهم في معرض المدح لهم والثناء عليهم بسبب أنهم قالوا ذلك، وهذا يدل على أن هذه الآية من أقوى المحكمات، وهذا كلام متين.
وأما المعتزلة فقد قالوا : لما دلّت الدلائل على أن الزيغ لا يجوز أن يكون بفعل الله تعالى، وجب صرف هذه الآية إلى التأويل، فأما دلائلهم فقد ذكرناها في تفسير قوله تعالى :﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [ البقرة : ٦ ].