وقال الكلبيّ :" لما ظهر رسول الله ﷺ بالمدينة قدم عليه حِبران من أحبار أهل الشام ؛ فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبيّ الذي يخرج في آخر الزمان!.
فلما دخلا على النبيّ ﷺ عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له : أنت محمد ؟ قال "نعم".
قالا : وأنت أحمد ؟ قال :"نعم".
قالا : نسألك عن شهادة، فإن أنت أخبرتنا بها آمنّا بك وصدّقناك.
فقال لهما رسول الله ﷺ :"سَلاَني".
فقالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله.
فأنزل الله تعالى على نبيه ﷺ ﴿ شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم قَآئِمَاً بالقسط ﴾ فأسلم الرجلان وصدّقا برسول الله ﷺ " وقد قيل : إن المراد بأُولي العلم الأنبياء عليهم السلام.
وقال ابن كيسان : المهاجرون والأنصار.
مقاتِل : مؤمِنوا أهل الكتاب.
السدي والكلبيّ : المؤمنون كلهم ؛ وهو الأظهر لأنه عام. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٤١﴾
سؤال : فإن قيل : المدعي للوحدانية هو الله، فكيف يكون المدعي شاهداً ؟.
الجواب : من وجوه الأول : وهو أن الشاهد الحقيقي ليس إلا الله، وذلك لأنه تعالى هو الذي خلق الأشياء وجعلها دلائل على توحيده، ولولا تلك الدلائل لما صحت الشهادة، ثم بعد ذلك نصب تلك الدلائل هو الذي وفق العلماء لمعرفة تلك الدلائل، ولولا تلك الدلائل التي نصبها الله تعالى وهدى إليها لعجزوا عن التوصل بها إلى معرفة التوحيد، وإذا كان الأمر كذلك كان الشاهد على الوحدانية ليس إلا الله وحده، ولهذا قال :﴿قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله﴾ [ الأنعام : ١٩ ].